darbouka
عدد الرسائل : 124 تاريخ التسجيل : 22/08/2007
| موضوع: إشكالية طرق تدريس تعليم اللغة الأم في بلاد الاغتراب الجمعة أغسطس 24, 2007 3:08 pm | |
| العربية في النرويج نموذجا
تعيش الإثنيات اللغوية في بلاد الاغتراب " عقدة اللغة الأم " التي تريد توريثها إلى أبنائها . و تقيس مدى نجاحها في تربية الأبناء ( الجيل الثاني ) بمدى نجاحها في توريثهم للغة الأجداد و قيمهم الأخلاقية. و نحن هنا لا نناقش حق هذه الإثنيات في المحافظة على خصوصياتهم ، فهو حق لا ينازعهم فيه أحد على الأقل في المنظومة الثقافية و السياسية الغربية إن لم يكن ذلك قيمة إنسانية عامة . و سوف أيضا لن نناقش الآثار النفسية لهذه العملية نجاحا أو فشلا على هذه الإثنيات و انخراطها في الحياة العامة و مدى اندماجها في المجتمع الجديد . فهذا بحث لا يدخل في دائرة علم النفس التربوي. و ما سنحاول تناوله في هذه المقاربة هو العلاقة بين تعليم اللغة الأم و إشكالية طرق تدريس ذلك في بلاد الاغتراب، و سنأخذ العربية في النرويج نموذجا
مقدمات أساسية
الكفاية الاتصالية و الكفاية اللغوية في تـعليم اللغة العربية :
و نحن نسعى إلى تبيين دلالات الكفاية الاتصالية و الكفاية اللغوية في تـعليم اللغة العربية . لا بد من البدء بتحديد مفهوم اللغة في اللسانيات الحديثة و الذي هو : " نظام معقد من العلامات ، يحقق وظيفة أساسية هي التواصل " أو هي " قدرة ذهنية مكتسبة يمثلها نسق يتكون من رموز اعتباطية منطوقة يتواصل بها أفراد مجتمع ما " . و أن أهم ما يميز اللغة البشرية هو: اعتباطية العلاقة بين الدال و المدلول مما يفسر لنا تعدد الألسن. إضافة إلى قدرتها التوليدية مما يجعل من اللغة لانهائية. أما فيما يتعلق بوظائف اللغة فأهمها: · الوظيفة الاتصالية . · الوظيفـة المعرفية. · الوظيفة الوجدانية. · الوظيفة الجمالية. · و الوظيفة الانفعالية.
و فيما يتعلق بمجال تعليم العربية فـتؤكد كل الدراسات على منح الأولية ل : الوظيفة الاتصالية و الوظيفة المعرفية . و لتحققهما لابد من توفير نوعين من الكفاءة : أ- الكفاءة الاتصالية : " هي تزويد الدارسين بالعبارات اللغوية المناسبة التي تمكنهم من الاتصال المثمر سواء بمتحدثي اللغة المستهدف تعلمها أو بالثقافة التي نشأت هذه اللغة فيها " . ب- الكفاءة اللغوية: " هي تزويد الدارسين الأجانب بالمهارات اللغوية التي تجعلهم قادرين على فـهم طبيعة اللغة و القواعد التي تضبطها و تحكم ظواهرها.. "
الخصائص المميزة للغة العـربية : إضافة لحملها المميزات العامة مثل أية لغة في عمومها، للغة العربية مميزات خاصة بها أبرزها كما يشير الأستاذ عادل بوراوي :
Ø مخارج حروف العربية تغطي كل جهاز التصويت من الشفتين إلى الحلق .
Ø و جود وسيط العلامة المحمولة و التي هي الإبانة عن المعاني باختلاف حركات اللفظ.
Ø العربية لغة توليفية ذات معجم شقيق بينما اللغات اللاتينية هي تركيبية ذات معجم مسيك . و العربية هي ذات طبيعة جذرية و ليس جذعية . و كما يشير الناقة و طعيمة في كتابهما المذكور في قائمة المراجع بأن العربية : " لغة اشتقاق ، لغة غنية بأصواتها ، لغة صيغ ، لغة تصريف ، لغة إعراب ، لغة غنية في التعبير ، لغة متنوعة أساليب الجمل ، لغة تتميز بظاهرة النقل ، لغة غنية بوسائل التعبير عن الأزمنة النحوية و لغة تزاحمها العامية " . مع أن ما ذكرهما من خصائص، في كثير منها تشترك فيه العديد من اللغات و ما صدرنا به هذه المسألة يعد من خصوصيات العربية فقط.
طرق تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها :
التحـديات :
تواجه عملية تدريس اللغة العربية في النرويج العديد من الصعوبات، فيها ما هو مشترك مع كل البلدان الغربية و فيها ما هو خاص بالنرويج نتيجة للمنظومة التربوية و القانونية النرويجية و للإمكانيات المتاحة للجالية. و يمكن إجمال هذه التحديات في : · ضعف الطاقات التعليمية المتخصصة . · عدم أهلية المحاضن التربوية . · عدم التوسل بالوسائط العلمية في تعليم اللغة العربية : العلوم و الوسائل · صعـوبة الجمع بين الحماسة و الكفاءة في الطاقات التعليمية العربية · التـعدد العرقي و الإثني للجاليات المستهدفة · غياب المناهج و المقررات المناسبة لغير الناطقين بالعربية · التباين في مفهوم التربية و العملية التربوية · ضعف الطرق المحببة لتعلم اللغة العربية · تباين الإمكانيات بين المدارس العربية و المدارس الرسمية · مشكلات البيت و قلة استخدام العربية · كثافـة استخدام اللهجات و التباسها في ذهن الطفل مع الفصحى ... تتوزع هذه التحديات بين مجالات مختلفة . و لكل مجال خصوصياته و طرق معالجة التحديات التي تواجهه فمنها ما هو متعلق ب: · نوعية المحضن التربوي . · دور العائلة . · الكادر التعليمي. · المقررات التعليمية. · طرق التدريس التي يُتوسل بها. · الواقع الموضوعي : قوانين معيقة ، ضغط اجتماعي .. و سينصب الاهتمام الأكبر في هذه المقاربة على مسألة طرق التدريس .
طرق التدريس :
إن طرق تدريس اللغات الأجنبية متشابهة من حيث الشكل و الاختلاف يطال فقط المضمون. و ليس المطلوب هو اعتماد طريقة بعينها و على حده. و لكن يمكن الجمع بين إيجابيات مختلف الطرق . و لكن الإشكالية الكبرى في واقع النرويج هو جهل المتصدرين لعملية تدريس اللغة العربية بطرق التدريس و المران على التعامل معها و استخدامها. و يمكن ذكر أبرز هذه الطرق : 1. طريقة القواعد و الترجمة: تعتمد هذه الطريقة على تدريب الدارسين على قراءة النصوص و ترجمتها، و تعتبر التدريب على الكتابة و تقليد النصوص شيئا مهما و رئيسا. 2. الطريقة المباشرة: تعتمد هذه الطريقة على ربط كلمات اللغة المتعلمة و جملها و تراكيبها بالأشياء و الأحداث من دون أن يستخدم المعلم أو الطلاب لغتهم الوطنية. 3. طريقة القراءة: تعتمد هذه الطريقة على التركيز على القراءة باعتبارها من أهم المهارات التي يجب أن يكتسبها الطلاب. 4. الطريقة السمعية الشفهية: تهدف هذه الطريقة إلى إتقان مهارات الاستماع و الكلام أولا كأساس لإتقان مهارات القراءة و الكتابة ثانيا. 5. الطريقة التو ليفية: عرفت " بأنها طريقة المعلم الخاصة التي يستفيد فيها من كل عناصر الطرق الأخرى التي يشعر أنها فعالة ". و هي في ظننا الطريقة الأنسب في مساحات الاغتراب. و إن كانت الطريقة المناسبة هنا ترتبط بأهداف المستهدفين و الشروط النفسية و خصائص الواقع المعاش و الوسائل التعليمية الرائجة في منظومته التعليمية.
الأسس النفسية لتعليم العربية لا يمكن الحديث في مسألة تعليم العربية و اللغة عموما بعيدا عن علم النفس و علم النفس التربوي خاصة. لأن العملية التعليمية تكمن أسسها في مبادئ و قوانين علم النفس و ذلك من خلال تركزها على: · الخصائص النفسية للمتعلمين · نظريات التعلم · القدرات العقلية و أهم الأسس النفسية المساعدة في تعليم العربية هي : · الدافـعية · الوعي بالأهداف · المشاركة الإيجابية · التعزيز · مراعاة الفروق الفردية · الترويح · العلاقات في الفصل · الاتجاهات و الميولات · السن و غيرها .. و يحدد مؤلف كتاب " التحفيز اللغوي " مجموعة مساحات بيداغوجية كمفاتيح و أسس لتعليم اللغة الأم و من أبرزها :المهارات اللغوية ، الوعي اللغوي ، "لعبة"الكتابة و "لعبة"القراءة .. و لكن تبقى للعوامل النفسية في وضعية الاغتراب و في الحالة النرويجية كنموذج ، الأهمية الكبرى . و على رغم قلة أو ندرة الدراسات في هذا المجال، إلا أن دراسة أحمد العش تعد أحد أبرز هذه الدراسات و إن كانت هي دراسة حالة و لكن يمكن الاستفادة من نتائجها. و مما تناوله العش في مسألة تعليم اللغة الأم البحث في هل تمثل ازدواجية اللغة عند أطفال المهاجرين عائقا في الإتدماج ؟ و أثر ذلك في التحصيل الدراسي عموما . فمجهودات الجهات المعنية بهذه المسألة لا يقلل منه احد و لكن التجارب تشير إلى أن المسالة متشعبة و للمجال النفسي الأهمية البالغة قي الكشف عن الصعوبات و التحديات و لا غنى عنه عند تقديم المقاربات . و على رغم أن " جهد الاندماج هو جهد من الطرفين، جهد من المُندمِج و جهد من المندَمج فيه ”. تبقى " تجربة الهجرة ( الاغتراب ) هي تجربة مثيرة و خطيرة، بل إنها سلاح ذو حدين. فإما أن تنتج جيلا ناجحا بل مبدعا حقا، و ربما لا قدر الله تنتج جيلا مهزوما محاطا بالفشل و الأمراض و المخاطر ”. و مما تشير إليه الدراسات أن بث الآباء لشعور الاعتزاز باللغة و الثقافة في الجيل الجديد تؤدي إلى نتائج أفضل في دراستهم من الآباء الذين لا يعطون قيمة للغتهم الأم أمام أبنائهم . مع أزكى التحيات | |
|